دراسات وتحليل

صحيفة تركية: هل يُخرج بوتين بشار الأسد من حساباته في سوريا .. لماذا تتحول روسيا إلى المرونة في الملف السوري ؟

أوطان بوست – فريق التحرير

قالت صحيفة تركية، إن الإشارات حول احتمال تخلي روسيا عن رأس النظام السوري “بشار الأسد“، قد تهـ.ـدف إلى فتح مجالات مناورة جديدة، أو دفع دمشق إلى تناول المسائل بجدية.

ونشرت صحيفة دوفار التركية، تقريراً مطوّلاً للكاتب التركي “فهيم تاشتكين”، قالت فيه؛ إن الرسالة الموجـ.ـهة منذ فترة واضحة وهي: لا يمكن أن تتخلص سوريا من مشـ.ـاكلها عبر العمـ.ـليات العسكرية فقط، بل يجب تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد، وإحراز تقدم في عمـ.ـلية صياغة الدستور.

تحذيرات روسيا

وأشارت الصحيفة التركية، إلى طلب ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”، من رئيس النظام السوري، بخـ.ـرق وقف إطـ.ـلاق النـ.ـار في إدلب، مقابل الحصول على 3 مليارات دولار، وفتح الأنياب ضد تركيا.

وأضافت أن وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”، ورئيس المخابرات العسكرية “إيغور كوستيوكوف”، وجها تحـ.ـذيرا صارما للأسد، وأبلغاه بالالتزام بوقف إطـ.ـلاق النـ.ـار وتعهدات روسيا وألا يختـ.ـرقها.

ولفتت إلى أن عناد الأسد، بإعاقة عملـ.ـية صياغة الدستور في جنيف، وعدم إجراء إصلاحات، أو محاربة الفسـ.ـاد، أغضب روسيا كثيرا.

وأشارت إلى أن الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، غير متيقن بأن يقوم الأسد بما طلب منه، وهو على وشك سحب البساط من تحت قدميه.

إيران تهرول

وأثناء ذلك كله، سارع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق، على الرغم من تفشي فيروس كورونا، وأكد للأسد أن بلاده تقف خلفه ولن تتركه.

اقرأ أيضا: الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” يتصل بزعماء تركيا وإيران ويناقش معهم الأوضاع في سوريا

ونوه إلى أنه في ظل ذلك، أجرى مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سرغي ناريشكين، زيارة إلى السعودية والإمارات.

تغير سياسة موسكو

وذكر أن المعلقين في المنطقة يرون أن موسكو بدأت بالفعل تغيير سياستها مع الأسد، وشـ.ـنت وسائل إعلام روسية هجـ.ـوما على رئيس النظام الأسد مشككة بقدرته على الحكم.

في إشارة بأن موسكو بدأت بالفعل تشكيل خارطة طريق جديدة مع الغرب، تشمل تنحية الأسد، ليحل مكانه علي مملوك رئيس الأمن الوطني، مع رفع العزلة الدبلوماسية والعـ.ـقوبات عن سوريا، وبدء عمـ.ـلية إعادة البناء.

وأشارت الصحيفة، إلى أن خارطة الطريق الجديدة، تحمل في ثناياها إبعاد إيران من سوريا، ولهذا السبب هرول وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق ليؤكد للأسد عدم تخلي بلاده عنه.

وأضافت أنه عندما يوضع تصور بتغيير النظام في سوريا، فإن “تغيير المواقف” تفرض نفسها أيضا، ومقارنة بالمملوك، فإن الأسد يشكل وجه النظام فقط وليس جوهره بالكامل.

وأوضحت أن مملوك يمثل النظام السوري بذاته، وهو الشخص الذي يدير المفاوضات الحاسمة مع الجميع، ومعروف بقربه من إيران كما روسيا.

ولفتت إلى أنه من بين الأسماء المتداولة لخلافة الأسد، كل من مدير الأمن العام اللواء محمد ديب زيتون، ورجل الأعمال فهد المصري، مشيرا إلى أنه عندما يكثر الحديث عن قطع تذكرة الأسد، تأتي الرهانات مسرعة.

في سياق متصل، قال الموقع التركي، إن روسيا قد تمنح بعض الأوراق المغرية للجهات الفاعلة مثل الولايات المتحدة وأوروبا، وإسرائيل والخليج، بشأن العملية الانتقالية في سوريا والوضع في إيران.

وأوضح أن روسيا بدأت بإقامة علاقات مع بعض الجهات الفاعلة في الخليج والغرب، ولكن على الرغم من ذلك، فإن حاجة روسيا إلى إيران، وحاجة إيران إلى روسيا لم تنته بعد.

مرونة روسيا بالملف السوري

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك عددا من الحقائق التي يمكن أن تدفع روسيا إلى أن تكون مرنة وتوافقية في سوريا، ومنها الموقف التركي من إدلب، والسعي لفرض شروطه الخاصة والذي يحول دون سيطرة النظام على الشمال السوري.

إلى جانب ذلك، فإن الولايات المتحدة غير مستعدة للانسحاب من حقول النفط شرق الفرات، أو قاعدة التنف والتي تهـ.ـدف لتقويض نشاطات إيران في سوريا.

بالإضافة لذلك، فإن الولايات المتحدة مصممة على كسـ.ـر ظهر سوريا اقتصاديا، فسنّت قانون قيصر، لتعاقب الأطراف الدولية المتعاونة مع النظام السوري، وتمنـ.ـع حلفاءها من تطبيع العلاقات معه.

ولفتت إلى أن روسيا استبعدت خيار الاشتباك مع اللاعبين الموجودين في الساحة عبر الوكلاء أو بشكل مباشر، وحاليا تريد التقدم من خلال إبقاء التوتر مع تركيا والولايات المتحدة، في مستوى يمكن التحكم به.

ولكن ترى أنه لا يمكن ذلك عبر الاستراتيجيات العسكرية، لذلك عليها أن تظهر أن سوريا لا يمكن أن تكون سوريا القديمة، وعلى سبيل المثال التقدم السريع في عملية جنيف قد يريحها.

وأضافت أن سوريا في حالة حرب حقيقية، والنظام غير قادر على اتخاذ الخطوات اللازمة للإصلاح بما يتوافق مع الشركاء الداعمين لها.

كما أن المناطق التي سيطر عليها الأسد عسكريا، ولّدت بيئات الصراع فيها من جديد لأنه لم يتخذ أي خطوات نحو الاستقرار، وعلى سبيل المثال هناك عملـ.ـيات اغتـ.ـيال متتالية لمسؤولين رفيعي المستوى في منطقة درعا.

ونوهت إلى أن النظام السوري يعيق الحراك الروسي في المفاوضات مع الوحدات الكردية المسلحة، التي تتلقى الدعـ.ـم من الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا: تجنيد سوريين بصفوف حفتر يثير جدلاً واسعاً لدى الإعلام الروسي .. وخبراء روس يستبعدون قدرة تركيا على عزل “تحرير الشام” في إدلب

وأكدت على أن روسيا مقتنعة تماما، أنه لن يتم إعادة إعمار سوريا دون تخطي حاجز الحـ.ـصار الاقتصادي، وحصول من يرغب العودة إلى بلاده على ضمانات قانونية وسياسية من النظام.

وأشارت إلى أن الأسد يسعى لإجراء انتخابات جديدة عام 2021 قبل التوصل إلى دستور جديد، ما يجعل روسيا في مفترق طرق.

وأكدت على أنه أمام هذه الصورة في سوريا، فقد لا تتمكن موسكو من مقاومة احتمال إجراء انتخابات بدون الأسد، والأقلام في موسكو والمقربة من الكرملين، المنقلبة بشكل مفاجئ على رئيس النظام السوري تؤكد ذلك.

ونقلت الصحيفة عن مصدر سوري، القول، إنه في البداية كانت موسكو مصممة على إبقاء الأسد في السلطة حتى انتخابات 2021، وطلبوا منه إجراء إصلاحات وإعادة هيكلة للمؤسسات، وأرادوا نجاح اللجنة الدستورية.

وأشار المصدر إلى أنه وبسبب تدهور الاقتصاد وانتشار الفساد واسع النطاق، والعداءات داخل عائلة الأسد والتي ظهرت بالأشهر الماضية، أبدى كبار الروس قلقهم وتوصلوا لقناعات أن بشار لا يمكنه البقاء بالحكم حتى حزيران/ يونيو 2021.

وأكد على أنه مع قانون قيصر، خلصت روسيا إلى أنها لا يمكن أبدا تعويض استثماراتها في سوريا، وأن الوقت قد حان لتقليل الخسائر.

وشدد على أن هبوط أسعار النفط، يضر بالمصالح الروسية والإيرانية في سوريا، مما يدفعهما للاستغناء عن الأسد.

ونوه إلى أن موقف تركيا الحازم في إدلب، واستهدافها المباشر للميليشيات الموالية للنظام السوري، ما أدى لتكبدها خسـ.ـائر فادحة، أدى بروسيا إلى إعادة تقييمها لقوات الأسد.

إشارات للأسد

وشددت الصحيفة على أن روسيا لم تخض هذه الحـ.ـرب من أجل شخص الأسد، ولكنها لا تريد خسـ.ـارة موقعها في سوريا وفي البحر المتوسط، كما حدث في ليبيا، وعليه لن تتخلى عن رئيس النظام دون إيجاد البديل المناسب له.

وختمت بأن الإشارات التي أرسلتها روسيا إلى دمشق، بالتخلي عن الأسد، قد تكون رسائل للأخير للمضي نحو القيام بالإصلاحات، ومكافحة الفسـ.ـاد، وإحراز تقدم في عمـ.ـلية صياغة الدستور، وعدم الخروج عن المسار الروسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً