رأي

ياسين أقطاي .. الساعة تدقّ في إدلب على روسيا أن تقرر ما الذي تريده

أوطان بوست – رأي

إن استـ.ـهداف قـ.ـوات النظام السوري للجنود الأتراك وسقـ.ـوط 8 شـ.ـهداء من الجنود، يُعتبر من كل الزوايا بمثابة لحظة تصـ.ـدّع من شأنها إعادة ترتيب جميع الأوراق في القضـ.ـية السورية، العسـ.ـاكر الأتراك الذين سقـ.ـطوا شهـ.ـداء كانوا في مهمة تقوية لنقاط المراقبة التي أقيمت في إدلب كمنطقة خفض تصـ.ـعيد، والتي نتجت عن اتفاق سوتشي وأستانا بين تركيا-روسيا-إيران والنظام السوري.

منذ فترة من الوقت وروسيا إلى جانب قوات النظام السوري، تحاولان انتـ.ـهاك تلك الاتفاقية في إدلب، وتحويل نقاط المراقبة التركية إلى حالة من الشـ.ـلل.

إنّ تركيا تدرك المحاولات الرامية لفـ.ـرض أمر واقع وتحويل نقاط المراقبة إلى أداة مشـ.ـلولة، وإنها تعترض على ذلك.

من الواضح للغاية أنّ هـ.ـجـ.ـمات النظام السوري على إدلب، برفقة القـ.ـوات الروسية وتحت حمايتها ورعايتها، كانت قبل أي شيء محاولات متغطرسة للتجاهل والانتـ.ـهاك الصريح لجميع الجهود الدبلوماسية التي انطلقت منذ وقت طويل تحت سقف سوتشي وأستانا.

إن تركيا كما هو الحال في كل الملفات، فإنها كذلك في الملف السوري تتعقب -إلى آخر درجة- سياسةً تقوم على أمل إحياء حل سياسي، سواء مع روسيا أو إيران أو حتى النظام السوري، هناك نظام دمـ.ـوي وإجـ.ـرامي تسبب بتـ.ـهـ.ـجير 12 مليون سوري سواء في داخل وطنهم أو خارجه، والطريقة الوحيدة التي يجيدها هذا النظام في التعامل مع معارضيه، هي الـ.ـقـ.ـتـ.ـل والتهـ.ـجير وتدمـ.ـير البيوت على رؤوس ساكنيها، و هذا النظام من المفترض أن لا يكون له مكان في هذا العالم، لكنه مع الأسف يتلقى الدعم تلو الدعم من روسيا وإيران.

في الحقيقة، إن تركيا جلست على طاولة المفاوضات في أستانا وسوتشي مع كل من روسيا وإيران اللتين هما المسبب الرئيسي لمأساة القرن الإنسانية التي تعيشها سوريا؛ سعياً منها في إيقـ.ـاف نزيـ.ـف الدم السوري، وهذا السعي قد ولّد توقعات عاجلة لدى البعض الذين رأوا فيه اتفاقاً وتحالفاً دوليّاً جديداً، على الرغم من ذلك، كانت الأولوية بالنسبة لتركيا كما هو الحال دائماً، الوقوف إلى جانب المنحى الإنساني.

لم يكن الشعب السوري يريد الكثير من الأسد، بل كان يريد العيش بشكل إنساني فقط، إلا أن الأسد كان يرى ذلك كثيراً على شعبه، ولم يجد ردّاً مناسباً على هذا المطلب الإنساني البسيط إلا من خلال الإبـ.ـادة الجماعية، ولا تزال آثار تلك الإبـ.ـادة حاضرة: 12 مليون مهـ.ـجر من وطنه ومنزله، مليون ضحية، ملايين المـ.ـعتقـ.ـلين والمصـ.ـابيـ.ـن.

لقد كان الموقف التركي واضحاً للغاية منذ البداية ضد ما يحصل، ولقد تم اتهـ.ـامها بسبب هذا الموقف، تم اتهـ.ـامها بأنها طرف من أطراف الصـ.ـراع السوري، إلا أن الطرف الذي تبنّته تركيا هو الجانب الإنساني، إن الذين ينصحون تركيا حتى الآن بالتفاهم مع الأسد، إن لم يكونوا قد استوعبوا درساً مما يحصل في إدلب، على الرغم من وجود اتفاقات أستانا فإنهم مصـ.ـابون بعـ.ـمى الأبصار وقد خُتم على قلوبهم.

في الحقيقة لقد اتفقت تركيا مع المعارضة السورية لضبط الأوضاع من أجل الاتجاه نحو حل سياسي، وذلك خلال مرحلة تفاهمات أستانا، مع روسيا وإيران اللتين كانتا الحامي الرئيسي للنظام السوري، لقد رسـ.ـخت تلك الاتفاقيات أن المعارضة في ظل مواجـ.ـهة عشرات المجـ.ـازر والإبـ.ـادات من طرف النظام، قد باتت تمتلك أحقية لا يمكن التـ.ـنـ.ـازع حولها، كما أن معارضي نظام الأسد لا يمكن اعتبارهم إرهـ.ـابيـ.ـين.

إن الاضـ.ـطهـ.ـاد والظـ.ـلم والعـ.ـنـ.ـف الذي يقوم به النظام قد بـ.ـات حقيقة واضحة، والوقوف بوجه هذا الظلم يعتبر حقّاً مشروعاً، وبالتالي لا يمكن توجيه التهم لمن يستخدم هذا الحق، بل على العكس، إن المتهم الأول والأخير هو النظام الذي يستخدم كل منشآت الدولة وإمكانياتها، من أجل مـ.ـواجـ.ـهة مواطنيه العزل وقمـ.ـعهم.

في الأصل، حينما نتحدث عن هجرة جماعية بهذا الحجم، فإن هؤلاء المهاجرين قد ضربوا بأحقية ومشروعية هذا النظام، هناك 8 ملايين سوري على الأقل خارج بلدهم، يشهدون على أنهم لم يكونوا في دولة، بل في بنية يحكمها سـ.ـفاح مجـ.ـرم إرهـ.ـابـ.ـي.

لقد اعتادت روسيا والنظام شـ.ـنّ الهـ.ـجـ.ـمات في إدلب تحت ذريعة وجود نشاطات إرهـ.ـابـ.ـية، إلا أن ما يبدو الآن هو استـ.ـهـ.ـداف المدارس والمشافي والأفران حيث تتعرض ولا تـ.ـزال للقـ.ـصـ.ـف الجوي، إلى جانب قـ.ـتـ.ـل المدنيين، هناك الآن مليون إنسان على الأقل اضطروا لأن يتوجهوا نحو الحدود التركية هرباً من حملات القـ.ـصـ.ـف العـ.ـنـ.ـيف، ولو استمر الوضع بهذا الشكل، فإن مصير إدلب كما هو بقية المناطق السورية الأخرى، ستكون تحت سيـ.ـطرة النظام بعد تحويلها لمدينة أشباح، إلا أنّ تدفق الناس من هناك، يعني حملاً على عاتق المسؤولية بالنسبة لتركيا.

إن ارتكاب إبـ.ـادة جماعية ضد المدنيين تحت ذريعة مـ.ـكـ.ـافحة الإرهـ.ـاب يعتبر جـ.ـريـ.ـمة ضـ.ـد الإنسانية، وانتـ.ـهـ.ـاك اتفاقيات مع تركيا جـ.ـريـ.ـمة أخرى أيضاً.

في ضوء ذلك يتضح ، أن المسألة بالنسبة لروسيا لا تعني وجود أناس، بل تراهم كآلات تتنفس، ومن أجل السيطرة على منطقة ما، لا يوجد أهمية لما يحصل إثر ذلك من قـ.ـتـ.ـل وتهـ.ـجير ومآسي إنسانية، ويمكن من ذلك أن نتصور لأي درجة من الخـ.ـطورة قد وصلت الإنسانية عبر الـ.ـقـ.ـتل بدم بارد من هذا النوع، لا يوجد لديها متسع من الوقت ولا تريد أن تتعب نفسها، بل همها هو السيطرة على هذه المنطقة وتلك، ومن أجل القضاء على معارض واحد بين آلاف من المدنيين، فإنها مستعدة أن تضحي بآلاف المدنيين من أجل ذلك، حتى ولو أن السيطرة على سوريا تكلف قـ.ـتـ.ـل مئات ومئات الآلاف، فلا مشكلة بالنسبة لها بل هي على أهبة الاستعداد.

إنها لا تقوم بدفع أي فاتورة مقابل ممارساتها غير الإنسانية تجاه المعارضة التي هي حسب معايير روسيا مجرد إرهـ.ـابـ.ـيين، بل إن الفاتورة يدفعها المدنيون وتركيا فحسب.

إن مشهد مليون إنسان مدني قرب الحدود التركية، فيهم الأطفال والنساء، لا يوحي بأي حال إلى أنها حـ.ـرب ضـ.ـد الإرهـ.ـاب، بل مجرد إبـ.ـادة جماعية وحـ.ـشيـ.ـة.

لا يمكن لتركيا أن تبقى متفرجة على ذلك. ولن تبقى، لقد بـ.ـدأت مرحلة العمل.

المصدر: صحيفة يني شفق التركية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً