تاريخ

قال “لو أطاعني الناس لفتحت روما” وعمره سبعين .. قصة القائد موسى بن النصير الذي اختار “فاتح الأندلس” وشاركه الفتوحات حتى جبال فرنسا

أوطان بوست – تاريخ – وكالات

بدأت الفتوحات الإسلامية في مصر وشمال إفريقيا من عهد خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد تم فتح مصر على يد عمرو بن العاص الذي كان بصحبته عقبة بن نافع.

توالت الولاة على مصر، لكن كل والي جديد يأتي كان يبقي على عقبة بن نافع في قيادة الجيوش بالشمال الإفريقي، وذلك كونه رجل ذو خبرة كبيرة بتلك المنطقة والفتوحات، وقد وصل إلى أقصى المغرب العربي ويروى عنه مقولته الشهيرة أنه لو علم بأن وراء هذا البحر أناس لا يؤمنون بالله لفتحت بلادهم.

كان لدى عقبة بن نافع خطـ.ـأ عسكري أجمع عليه المؤرخين، وهو أنه لم يكن يعزز الجيوش في البلدان التي يفتحها، حتى جاء في أحد الأيام لأحد تلك البلدان ولما دخلها ارتد أهلها وانقـ.ـلبوا عليه فاستشهد.

وفي تلك الأثناء، وفي مدينة شفشاون أو طنجة المغربية، كان هناك رجلاً أمازيغياً، وقد كان من الأمازيغ الذين لم يرجعوا عن الإسلام وإنمّا بقوا عليه، ورزق زياد الأمازيغي بطفل أسماه طارق، وهو محل جزء من قصتنا اليوم، إنه الفارس طارق بن زياد فاتح الأندلس الذي سنتحدث عنه وعن القائد العظيم موسى بن النصير.

عندما كبر طارق وقد ربي على تعاليم الإسلام الصحيحة، انضم إلى جيوش الدولة الأموية التي عملت على إعادة فتح البلدان التي ارتدت عن الإسلام، وقد أرسلت من أجل ذلك القائد المسلم الشهير موسى بن النصير، وذلك في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

فمن هو موسى بن النصير؟ وكيف تمكن أن يكون المخطط لفتح الأندلس الذي تم على يد البطل طارق بن زياد؟

ولد التابعي الجليل موسى بن النصير، في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبوين من المسلمين.

وقد كان والد موسى بن النصير، من خاصة بني أمية وقائداً في جيوشهم ويحكى أنه شارك في “اليرموك” هو وزوجته (أم موسى)، ويحكى أنها في يوم “اليرموك” رأت فارساً رومياً وقد أسـ.ـر رجلاً مسلماً، فأخذت عمود خيمتها وضـ.ـربته على رأسه وحررت المسلم منه.

من هذين الأبوين الأبطال، ولد القائد الإسلامي البطل موسى بن النصير، وقد كان قائداً محنكاً وصاحب حكمة رأي، فعندما تولى مروان بن الحكم الخلافة، ولى ابنه عبد العزيز بن مروان (والد عمر بن عبدالعزيز) على مصر، وجعل موسى بن النصير وزيراً ومستشاراً له ليساعده على حكم مصر ثم ولاه على الشمال الإفريقي.

موسى بن النصير يوطد للإسلام في الشمال الإفريقي

كان الشمال الإفريقي قد فتح على يد القائد المسلم عقبة بن نافع، ولما صارت ولاية الشمال الإفريقي لموسى بن النصير، كان يجد أن كثيراً من أهل تلك الديار يترك الإسلام بعد فترة قصيرة من دخوله فيه، فبحث في أسباب الأمر، فوجد أن الفاتحين كانوا يفتحون البلدان بسرعة من أجل كثرة الفتوحات.

وضع موسى بن النصير خطة بسيطة حتى يضع حداً لذلك، فأصبح كل ما فتح بلداً من بلدان الشمال الإفريقي، أحضر معه بعضاً من التابعين وأصحاب العلم وجعلهم يجلسون بالبلد مدة يعلمون أهله الدين الإسلامي الصحيح، فإذا استقر الإسلام في نفوسهم فتح بلداً غيره وتوسع وهكذا حتى أكمل فتح الشمال الأفريقي كاملاً خلال 7 سنوات.

اقرأ أيضاً: أراد أن يبـ.ـيد بني أسد وغـ.ـدر به حاكم القسطنطينية ودفـ.ـن بأنقرة.. قصّة الشاعر الأمير امرؤ القيس واليهودي الذي كان “أوفى العرب”

وقد كان القائد الفاتح عقبة بن نافع هو أول من فتح بلدان الشمال الإفريقي، واستمرت فتوحاته لأشهر قليلة دون تمكين الناس من دين الإسلام، وهو ما جعلهم يرجعون عنه، إلى أن جاء موسى بن النصير وعمل بحكمة على الفتح فاستقر الإسلام هناك.

ويحكى أن قبائل البربر الأمازيغية، من القبائل العريقة، وقد خرج منها القائد المسلم العظيم طارق بن زياد فاتح الأندلس وعضيد موسى بن النصير ومساعده ومستشاره الأول فيما بعد حتى ولاه على طنجة.

بدأ تفكير موسى بن النصير في فتح بلاد الأندلس، وقد كان عمره أكثر من سبعين عاماً، فأرسل للخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك يستشيره بالأمر كون الفتح سيكون فيه بحر بين البلدين، فوافق الخليفة لكن طلب منه أن يرسل بعض السرايا قبل أن يدخل الجيش كله.

وبالفعل، جاء موسى بن النصير برجل من الأمازيغ يدعى طريف بن مالك، وأرسله برفقة 500 رجل إلى الأندلس للاستطلاع والتمهيد لفتح البلاد.

وصل طريف للأندلس، وبدأ يرسل له ما يراه، ويمده بالمعلومات، إلى أن بدأ التخطيط لفتح الأندلس، وقد اختار موسى بن النصير القائد الأمازيغي العظيم طارق بن زياد لهذه المهمة، وأرسله برفقة 7 آلاف جندي، عبر بهم البحر بواسطة السفن.

ولما عبر طارق بن زياد المضيـ.ـق، رسى بسفنه على مضيف جبل طارق، وهو الذي ما زال يحمل اسمه حتى يومنا هذا.

وما إن وصل المسلمين إلى الأندلس، كان حاكمها الإمبراطور في الشمال للتعامل مع بعض الثورات على حكمه، فأرسل له أحد ولاته على الجنوب يخبره بوصول المسلمين، وقد ذكر له أنه ” قد جاءنا قومٌ لا ندري أجاءوا من الأرض أم نزلوا من السماء”.

ما إن سمع الإمبراطور وكان يدعى “لذريق” بوصول المسلمين، أعد جيشاً عظيماً تجاوز عدده الـ 100 ألف وتوجه نحو المسلمين، فما إن وصل الأمر لطارق بن زياد حتى أرسل لموسى بن النصير يطلب منه المدد لعلمه أن السبعة آلاف الذين معه قد لا يتمكنوا من الانتصار على جيشٍ كبير.

أرسل موسى بن النصير مدداً لطارق بـ 5 آلاف من المسلمين، ليصبح جيشه بعدد 12 ألف، مقابل 100 ألف من جيوش القبائل القوطية التي كانت تحكم هناك.

سار جيش المسلمين إلى أن وصل وادي برباط، وذلك في عام 92 للهجرة الذي تم فيه فتح الأندلس، ثم وصل جيش القوط إلى تلك المنطقة.

اقرأ أيضاً: حاول العباسيون قـ.ـتـ.ـله ثم لقبه خليفتهم بـ” صقر قريش”.. قصّة عبد الرحمن الداخل الذي أخـ.ـاف الداهية أبو جعفر المنصور ووصوله إلى الأندلس

وبدأت بينهم الحـ.ـرب وقد استمرت لمدة 7 أيام، ثم انتهت بانتصارٍ كبير للمسلمين، وكانت البداية الفعلية لفتح الأندلس، إذ أخذت بعدها سرايا المسلمين تدخل مختلف المدن والقرى والقلاع وتفتحها في البلاد ويترك فيها بعضاً من الجند.

موسى بن النصير يأتي للأندلس ويشارك بالفتوحات 

مع كثرة الفتوحات، وترك بعض الجند في كل مكان يتم فتحه، قل الجيش مع طارق بن زياد، فأرسل لموسى بن النصير يطلب المدد، فأتاه موسى بن النصير بنفسه مع مجموعة من الجيش وذلك في عام 93 للهجرة.

دخل موسى بن النصير إلى الأندلس، ولكنه سلك طريقاً غير طريق طارق بن زياد، وأخذ يفتح القلاع والبلدان التي تأتي في طريقه، حتى التقى مع طارق بن زياد قرب مدينة طليطلة، فهنأه بالنصر، وبدأ التقدم بالشرق والشمال.

ما إن وصلوا إلى آخر الشمال الأندلسي، وجدوا جبال البرت، وخلفها دولة فرنسا، وكان موسى بن النصير يخطط لفتح فرنسا، وفي تلك الأثناء وصل مغيث الرومي رسول من الخليفة لموسى بن النصير ويطلب منه الاكتفاء بما تم فتحه وأن يعود لدمشق.

ويحكى أن موسى بن النصير أقنع مغيث أن يبقى معه، ويشاركه بالفتوحات، ولما تأخر الرسول على الخليفة الوليد بن عبدالملك، أرسل رسولاً آخراً يدعى أبو النصر لموسى بن النصير يطلب منه العودة خـ.ـوفاً من ابتعاد جيش المسلمين عن مقر الخلافة.

موسى بن النصير أراد فتح روما و القسطنطينية 

خطط موسى بن النصير أن يعود إلى دمشق عبر أوروبا، وصولاً للقسطنطينية وعودة إلى دمشق، فلما علم الخليفة أرسل الرسول وقال إن لم يقبل موسى أن يعود فدعه وعد أنت بالجيش، فعاد موسى بن النصير إلى دمشق وترك ابنه عبد العزيز والياً على الأندلس.

استقبل الخليفة الوليد بن عبد الملك موسى بن النصير وطارق بن زياد بحفاوة كبيرة وقدر فتوحاتهم الكبيرة، وبعد ذلك بحوالي 40 يوماً تـ.ـوفى الخليفة الوليد وبدأ عهد أخوه سليمان بن عبد الملك.

ويحكى أن سليمان بن عبدالملك لم يكن على وفاق كبير مع موسى بن النصير، فقد كان بينهم أمور وعـ.ـتاب، ثم قربّه من مجلسه، ولما أراد الخليفة سليمان الحج، رافقه موسى بن النصير.

ويقال أن القائد موسى بن النصير كان قد دعا الله، أن تكون خاتمته إما في سبيل الله أو أن يمـ.ـوت في المدينة المنورة مدينة رسول الله، ولما كان بالطريق مع الخليفة إلى الحج في عام 97 للهجرة تـ.ـوفي قرب المدينة المنورة.

ويحكى أن الخليفة سليمان كان جالساً معه في يوم من الأيام، ويسأله عن فتوحاته، فقال موسى بن نصير، أنه “والله لم تهـ.ـزم لي راية قط ولم يتبـ.ـدد لي جيش، ولو أطاعني الناس لقدتهم إلى روما ولفتحها الله على يدي” وكان يقصد لو أن الخليفة الوليد وافق أن يكمل فتوحاته لكان وصل روما.

المصدر: مدى بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً