رجال

جبران خليل جبران .. الشاعر الذي تفرٌد بحبه الجبرانيٌ وكتب على قبره عبارته الأخيرة التي أنهت تعاكس الأقدار مع الأمنيات!

جبران خليل جبران .. الشاعر الذي تفرٌد بحبه الجبرانيٌ وكتب على قبره عبارته الأخيرة التي أنهت تعاكس الأقدار مع الأمنيات!

أوطان بوست – فريق التحرير

جبران خليل جبران، رجل أبحر في الأدب والفنون، بما في ذلك من الكتابة والشعر والفلسفة، وصولاً إلى الرسم والنحت والفن التشكيلي.

هو ذاك الرجل الذي نشأ فقيراً، وترعرع على حب الشعر، الذي استغله للبوح عما في أعماقه، فأجاز في التعبير.

نشأة جبران خليل جبران والمهجر

ولد الشاعر جبران خليل جبران، في السادس من يناير عام 1983, ببلدة بشري شمال لبنان، زمن متصرفية جبل لبنان.

ترعرع في أسرة اعتنقت المسيحية المارونية، فوالده كان راعياً، اعتاد على شرب الكحول ولعب القمار، ما تسبب بفقدانه عمله.

عانى جبران منذ طفولته، بسبب تصرفات والده الهمجية، الذي كان مجرد رجل مدمن للكحول، ويتعامل مع أسرته بعنف وبطش.

تعلم الشاعر الراحل الكتاب المقدس والعربية، على يد أحد كهنة قريته، وهاجر رفقة عائلته إلى الولايات المتحدة عام 1895.

استقرت عائلة جبران في حي الصينيين بمدينة بوسطن، فعملت والدته بالخياطة هناك، وافتتح شقيقه متجراً صغيراً، أما هو فالتحق بالمدرسة.

اندمج جبران بالثقافة الغربية، وأوشك على نسيان العربية، ما دفع والدته لإعادته إلى لبنان، ليتعلم التراث الشرقي العربي.

وبالفعل عاد جبران إلى لبنان عام 1898, والتحق بمدرسة إعدادية مارونية، قبل أن يلتحق بمعهد عال طلباً للعلم.

تعلم العربية على يد الخوري “يوسف حداد”، ودرس الرسم والفن التشكيلي في مدرسة الفنون “أكاديمية جوليان” بفرنسا.

حياة عاطفية لم تؤتِ أُكلها

إن لم يكن جبران عنوان الحب والعاطفة فمن يكن غيره إذاً؟ .. لقد عاش علاقات عاطفية حاكاها في قصائده وأشعاره.

تعدد العلاقات في حياته، لا يعنِ أنه ذاك الشخص المتلاعب بالمشاعر، لكن هذا هو الحب الجبراني وهذا ما كتب له.

علماً أنه اهتم بالمرأة إلى حد كبير، وأبدى لها احتراماً خاصاً، ولعل هذا ما تجلت معالمه في قصائده.

تجربته الأولى كانت مع جوزفين بيبودي، وهي حبه الأول، حيث التقى فيها في بوسطن، وكان عمره 15 عاماً حينها.

أما حبه الثاني، فتجسد مع حلا الظاهر، وأغرم بها إلى حد الجنون، حيث كانا يلتقيان سراً، ويخططان لبناء حياتهما.

لكن الأقدار لم تكن كما أراد، فقد اكتشف شقيقها تلك العلاقة، وأبلغ جبران باستحالة أن يكون زوجاً لها.

طلب جبران من حلا الهرب معاً، لكنها رفضت وأرسلت له قائلة: عندما تقطف ثمرة نيئة من شجرة، فإن الأذى سيلحق بالشجرة والثمرة.

وأغرم الراحل بفتاة تدعى “سلطانة ثابت”، تعرٌف عليها في مدرسة الحكمة، وكان عمره 17 عاماً، أما هي أرملة تكبره بخمسة أعوام.

اقتصرت علاقتهما على تبادل الرسائل الورقية، ولم تصمد سوى أربعة أشهر، لاسيما أن جبران شعر ببرودة الطرف الآخر.

وبعد ذلك دخل في علاقة حب مع “ميشلين”، التقيا في مدرسة هاسكل، إلا أن حبهما المتبادل اضطرب فجأة بعد عامين.

هذا الاضطراب تحول إلى فراق، وتزوجت ميشلين من حقوقي أمريكي، وتوفيت عقب أشهر قليلة من وفاة جبران.

وأغرم الراحل بماري إلزابيت، فكانت خير سند وداعم له، أما هو فكان يعتبرها بيت سره الأول، والمكان الذي يلوذ إليه.

ساعدته إلزابيت مادياً ومعنوياً، وأرسلته إلى فرنسا على نفقتها الخاصة، ودققت له الكتابات التي كان يخطها باللغة الإنجليزية.

وللحب بقية

وقع جبران في حب فتاة متزوجة اسمها “ماري خوري”، قال إنه أرسل إليها مئتي رسالة، ويشعر بالراحة عندما يجلس معها.

وعاش قصة حب مع مي زيادة، فبدأت بإعجاب الأخيرة بقصيدته “الأجنحة المتكسرة”، ثم التحفظ فالتردد، والإعجاب ثم الاعتراف بالحب.

لقد أحبها حباً شديداً، وأباح لها بأسرار طفولته وحياته، لكن الغريب أن علاقتهما اقتصرت على المراسلات دون أي لقاء.

عشرون عاماً من الحب الافتراضي، أو الحب الجبراني إن صح التعبير، ولم تنتهِ هذه العلاقة العذرية إلا بوفاة الشاعر.

وعاش جبران تجربته العاطفية، ويقال إنها الأخيرة، مع “هيلانة غسطين”، والتقى معها في نيويورك لأول مرة، في تاريخ علاقتهما.

عالم الكتابة

أعجب جبران بالكاتب والشاعر الفرنسي “فرنسيس مراش”، إلى حد كبير، حتى أنه مال لعكس أفكاره في بعض كتاباته.

حاول الراحل أن يتفرد بما يكتبه، من خلال تتبع الميول في مساره الأول، والثور على العقائد الدينية بمسار آخر

حارب التبعية العربية للحكم العثماني، من خلال كتاباته، وكان يقول عن ذلك أنه ليس معوالتسييس المسيحي أو الإسلامي.

وأسش الراحل الرابطة القلمية في نيويورك عام 1920, إلى جانب رشيد أيوب وإيليا أبوماضي ونسيب عريضة، وعبدالمسيح حداد وميخائيل نعمة.

وتنسب إلى جبران العديد من المؤلفات، التي ترجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية وغيرها، وتغنى بها الشعراء، لعل أبرزها:

المواكب، المجنون، الأجنحة المتكسرة، الشعلة الزرقاء، آلهة الأرض، حديقة النبي، رمل وزبد، الأرواح المتمردة، عرائس المروج، دمعة وابتسامة، وغيرها.

توفي جبران خليل جبران، في العاشر من أبريل عام 1931 بالولايات المتحدة، بعد صراع مع مرض السل، ودفن في لبنان.

لقد تفرد جبران بعواطفه وحبه وأشعاره، وبقي مخلصاً لهما، حتى بعد موته، فقد أوصى أن تكتب على قبره عبارة عميقة.

وهي: “أنا حي مثلك، وأنا أقف الآن آلى جانبك، أغمض عينيك والتفت لتراني أمامك”.

اقرأ أيضا .. هو شاعر الثورة والوطن واعتقله الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة وأعلن الرئيس الفلسطيني حداداً عقب وفاته .. قصة الشاعر محمود درويش!

مقالات ذات صلة