تركيا

الإعلام اليوناني؛ المسيرات التركية ”عديمة الشفقة” وتعيق عمل طائراتنا .. وهكذا فرضت تركيا هيبتها في الجو

الإعلام اليوناني؛ المسيرات التركية ”عديمة الشفقة” وتعيق عمل طائراتنا .. وهكذا فرضت تركيا هيبتها في الجو

أوطان بوست – فريق التحرير

أشادت وسائل إعلام يونانية، بالقوة التي تتمتع بها المسيرات التركية ونجاحها في العديد من الجبـ.ـهات في المنطقة، واصفة إياها بـ”عديمة الشفقة”، وأن نشاطها “يعيق عمل الطائرات اليونانية”.

وذكرت صحيفة “الدفاع” اليونانية (ámyna)، في مقال لها، أن “المسيرات التركية حققت نجاحا كبيرا في سوريا وليبيا إقليم قراه باغ في أذربيجان، وستضعف موقف اليونان بشكل كبير في بحر إيجه”.

وأشارت الصحيفة، إلى أن “استخدامها النشط جدا، يضطر اليونان إلى تسيير مقـ.ـاتلات F-16 ضدها في المنطقة، الأمر الذي يكلف الكثير من الأموال”.

المسيرات التركية / صورة من الإنترنت

ولفتت الصحيفة اليونانية، إلى أن المدرعـ.ـات والمصفـ.ـحات معرضة بشكل كبير لخـ.ـطر المسيرات التركية.

واعتبرت، أن النجاحات التي حققتها المسيرات التركية في أذربيجان ضـ.ـد الجيش الأرميني خير دليل على ذلك” داعية الحكومة اليونانية لـ”أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار”.

وأشادت الصحيفة، حول قدرات المسيرات التركية في الاستطلاع والمراقبة وإصـ.ـابة الأهداف بدقة كبيرة، معتبرة أن الاستخدام الفعال للمسيرات التركية كان عاملا أساسيا في انتصار أذربيجان في إقليم قراه باغ.

وتابعت “لقد تم استخدامها بلا شفقة ضـ.ـد أرمينيا، والأخبار حول تدمـ.ـيرها 60 نظاماً مضاداً للطائرات في الأسبوعين الأوليين من النـ.ـزاع صحيحة”.

وأضافت، أنه قد ساهم نشر مقاطع فيديو لها وهي تصـ.ـيب أهدافها بدقة متناهية بإضعاف معنويات الجيش الأرميني بشكل واضح.

ولعبت المسيرات التركية دورا بارزا في تعزيز مكانة تركيا العسكرية، بعد أن حققت نجاحا وسمعة كبيرة في العمليات العسكرية التي جرى استخدامها فيها.

وذلك في إطار النقلة التكنولوجية المتقدمة التي حققتها تركيا بالانتقال من بلد مستورد للاحتياجات العسكرية إلى بلد مصدّر لها.

كيف استطاعت تركيا أن تنافس عالميا في صناعة الدرونز؟

بالتزامن مع كل حراك عسكري للقوات التركية، فإنك تجد لقطات من كاميرا لطائرة من دون طيار، ليست أميركية أو فرنسية بل تركية الصنع، وهي من طراز “بيراقدار تي بي 2”.

والفيديوهات التي يتم تداولها في كل مرة، تظهر بدقة عالية عمليـ.ـات يتم من خلالها استهـ.ـداف آليات أو نقاط العدو.

 كما حصل مع “كون أوزدون” أحد أهم قادة حزب العمال الكردستاني في أقليم سنجار شمال العراق.

تركيا التي حظـ.ـرت أميركا تصدير هذا النوع من التكنلوجيا إليها أمداً طويلاً، استطاعت صناعة نسختها الخاصة والفعالة لتتحول من مستهلك للسـ.ـلاح الأعتى إلى منتج ومصدر له.

قبل عام واحد من وصول حزب “العدالة والتنمية” للحكم في تركيا، سجل التاريخ أول هـ.ـجـ.ـوم بطائرة دون طيار أميركية الصنع في أفغانستان.

كانت تلك اللحظة بداية الهيـ.ـمنة المطـ.ـلقة للدرونز الأميركية على سماوات العالم، وهذه الهيـ.ـمنة التي ستنتهي عام 2015 مع وصول دول أخرى لصناعة هذه التقنية، وعلى رأسها الصين وتركيا.

حراما علينا استيراده .. لنصنعه إذاً

الدرونز .. سـ.ـلاح فعال إستراتيجيا و تشغيليا وغير مكلف ماديا، من يصنعه يحقق امتيازا حصريا و يصبح واحدا من الدول القليلة التي يمكنك وصفها بالخطـ.ـيرة. 

لكن كيف أصبحت تركيا خطـ.ـيرة .. ؟ في الحقيقة الأمر استغرق بعض الوقت وكثيرا من الاستـ.ـفـ.ـزازات، وبدأت القصة منذ عام 1975.

وقتها فـ.ـرضت الولايات المتحدة الأميركية عقـ.ـوبات على تصدير الأسـ.ـلحة إلى تركيا، بعيد غـ.ـزوها لقبرص، وهذا التـ.ـوتر غير طريقة التفكير التركية بقضية السـ.ـلاح المستورد من الغرب.

وبدأت التطلعات تتجه نحو الصناعات المحلية عبر تأسيس العديد من شركات الصناعات الدفاعية، وركز معظمها على إنتاج  الذخـ.ـائر و الأسـ.ـلحة الصغيرة.

في حين عمل بعضها مثل الشركة التركية لصناعات الفضاء (TAI ) على صناعات ثقيلة كالصـ.ـواريـ.ـخ الموجـ.ـهة والطائرات، وكانت درونز إحدى اهتمامات تركية المبكرة.

و لأنها لا تستطيع تصنيعها، قامت بإستيرادها و من الجهة نفسها، وفي عام 1996 اشترت تركيا 6 طائرات بدون طيار من طراز  (GANT 750s)  لغرض الاستطلاع و المراقبة.

ولأن الطائرات هذه كانت محدودة الإمكانات و تقوم بالإستطلاع و نقل المعلومات فقط، لجأ الأتراك إلى إسرائيل من أجل الحصول على طائرات بدون طيار مسـ.ـلحة.

طائرة “GANT 750s” من دون طيار / إنترنت

وفي عام 2006 حصلت تركيا على طائرات من طراز “هيرون” وجاءتها الدّفعة الأولى بعد 5 سنوات، وبمحركات وأنظمة تصوير عن بعد “تم تخـ.ـريبها”  

هكذا اتّهـ.ـمـ.ـت أنقرة  “تل أبيب” وقامت بإعادة الطائرات إلى إسرائيل للصيانة، والتي استغرقت سنوات أخرى، وكان تشغيل تلك الطائرات يتم عبر فنيين إسرائيليين حصراً. 

ما أصـ.ـاب الأتراك بالقلق، خـ.ـوفا من أن تجد كل الصور الملتقطة طريقها إلى الاستخبارات الإسرائيلية أولا.

كان سباقا مع الوقت، عندما طرح الجيش التركي مناقصة حكومية عام 2004، لتصميم وتطوير طائرة بدون طيار متوسطة الارتفاع، عالية التحمل.

والتي فازت بها الشركة التركية لصناعات الفضاء (تاي)، وجاءت أولى البشائر، بإعلان إنتاج طائرة “أنكا” التي قيل إنها قادرة على الطّيران على ارتفاع يصل إلى 30 ألف قدم .

ولمدة تصل على 24 ساعة لكنها وفي أول رحلة إقلاع تحطـ.ـمـ.ـت بعد 10 دقائق، بسبب فشـ.ـل في التحليق.

والذي رافقته صعـ.ـوبات مرتبطة باستيراد المحركات وقطع الغيار من شركتي “Thielert” الألمانية وAVIC International”الصينية.

كلّ هذه دفع تركيا إلى إطـ.ـلاق برنامج لتصنيع محرك محلي وفي نهاية عام 2011، حيث حلّقت إنكا بنجاح ودخلت القوات الجوية التركية  عام 2013.

لكنها لم تحقّق طموحات تركيا فهي درونز غير مسـ.ـلحة مايعني أن دورها في أي عملية عسكرية يقتصر على المراقبة أما الهـ.ـجـ.ـوم فيتطلب طائرة نفاثة.

الجيل الثاني حلق وحيدا  

لم تسمح أميركا ببيع طائرات “بريداتور”، لحليفتها أنقرة بسبب علاقاتها المتـ.ـوترة مع إسرائيل، لذلك قررت تركيا أن تحلّق وحيدة.

ووضعت على رأس أولوياتها بدءا من عام 2015 إنتاج طائرة مسـ.ـلحة من دون طيار مصنعة محليا.

شاب تركي عمره 26 عاما  “اسمه” سجلوق بيرقدار، والذي نجح في إقناع مسؤولين أتراك بحضور عرض صغير لطائرة بدون طيار محلية الصنع كان يعمل عليها بنفسه.

وفي عام 2007 سيعمل سجلوق في شركة عائلته “بيرقدار ماكينا”  لإنتاج 19 طائرة من دون طيار لصالح الجيش، وفي عام 2015 عرض طائرته الجديدة “بيرقدار تي بي 2”.

المهندس سلجوق بيرقدار والمسيرة التركية بيرقدار تي بي 2 / إنترنت

والتي نجحت في إصـ.ـابة هدف على بعد 8 كيلومترات باستخدام صـ.ـاروخ موجه تركي الصنع أثناء تحليقها على ارتفاع 4 كيلومترات.

وفي العام نفسه أصبح  “سجلوق بيرقدار” صهر الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بزواجه من ابنته سمية.

طائرات بيرقدار الجديدة

ستصبح طائرات بيرقدار الجديدة، العمود الفقري للقوات الجوية التركية بفضل قدراتها التقنية المرتفعة نسبياً.

فهي تستطيع التحليق على ارتفاع 7.3 كيلومتر لمدة تصل إلى 24 ساعة مع قدرة حمل 55 كيلوغراما.

وبحلول يونيو/حزيران عام 2019 كانت قد حققت رقما قياسيا بواقع 100 ألف ساعة طيران، خلال أقلّ من أربع سنوات.

ومع نجاحها  الكبير في العمليات العسكرية ضـ.ـدّ التنظيـ.ـمـ.ـات الإرهـ.ـابـ.ـية المسـ.ـلحة قررت أنقرة توسيع نطاق

استخدامها على طول سواحل بحري إيجة والمتوسط وهو ما تسبب في احتـ.ـكاكات متتالية مع قبرص واليونان. 

ليس هذا فحسب  

فقد قدّمت تركيا 12 طائرة من طراز بيرقدار إلى حلفائها في حكومة الوفاق الوطني بليبيا لمساعدتها في صدّ الهـ.ـجـ.ـوم الذي شـ.ـنّه الجنرال  “خليفه حفتر “ وميليشـ.ـياته على طرابلس.

ووقّعت أنقرة صفقة لتصدير 12 طائرة بدون طيار متطورة إلى أوكرانيا، وتضاعف أسطول تركيا من طائرات بيرقدار من 32 طائرة  عام 2017 إلى قرابة 94 طائرة  عام 2019.

ونما حجم أسطول طائرات “أنكا” على 30 طائرة على الأقل، وكلّ هذه القوة ستكون ركيزة أساسية للجيش والقوات الجوية والبحرية وقوات الدرك والاستخبارات وقوى الشرطة.

الطائرة التركية المسيرة أنكا / إنترنت

وفي أغسطس/آب 2018 نفذت طائرات “أنكا” أول غـ.ـارة جوية يتم التحكم فيها عبر الأقمار الصناعية.  

الجيل الثالث .. حلق بصـ.ـواريخ وقنـ.ـابل ذكية  

التطور التقني التركي في مجال صناعة الدرونز حقق قفزة ملحوظة خلال عام 2019  فقد كسـ.ـرت كلّ من بيرقدار”و “أنكا” سجلات التحمل الخاصة بهما.

وطارت كل منهما لمدة أطول من 24 ساعة لكنّ الطائرتين ليستا أكثر من لعبتين مقارنة بطائرات الجيل الجديد.

حيث تعد الطائرة “أكينسي” أبرز الأسماء في الجيل الثالث شكلا و أداء. 

فبطول يبلغ 20 مترا (من الجناح إلى الجناح) تستطيع هذه الطائرة التحليق إلى ارتفاع 15 كيلومتر بحولة تتراوح بين 450 إلى 900 كغم.

أي إنها قادرة على حمل و إطـ.ـلاق صـ.ـواريـ.ـخ كروز طويلة المدى و القنـ.ـابل الموجـ.ـهة، بمدى إصـ.ـابة يبلغ 600 كيلو متر.

وتمتلك هذه الطائرة رادرا متطورا و أنظمة اتصال فضائية و نظما خاصة بالحـ.ـرب الإلكترونية، وتهدف الحكومة إلى إ نتاج 36 طائرة من هذا الطراز حتى عام 2022.

وتقدم في سبيل ذلك الكثير من التسهيلات للشركات المصنعة، مثل المنح المالية و الإعفاء من الضـ.ـراب، ومن المرجح أن “أكنسي” ستحل محل طائرات “ اف 16“ في العمليات التركية ضـ.ـد حزب العمال الكردستاني.

فضلا عن كونها ستوفر إمكانات مراقبة جوية منخفضة التكلفة و المخـ.ـاطر على مدار الساعة في مناطق بحر إيجة وشرق المتوسط.

المسيرة التركية من الجيل الثالث “أكنسي” / إنترنت

ومع “أكنسي” توجد طائرة “العنقاء -أقسورنغور” التي تعمل بمحركين اثنين و قادرة على نقل حمولة بوزن يتجاوز 700 كيلو غرام، وتقوم بعمليات استطلاع و المراقبة و الهـ.ـجـ.ـزم.

لنا ولهم .. لماذا كل هذا السـ.ـلاح؟ 

تركيا تمتلك ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف الناتو  و هي واحدة من 6 (ست) دول في العالم لديها القدرة على أنتاج طائرات بدون طيار مسلحة و مزودة بقنابل ذكية و أنظمة إلكترونية متطورة 

لكن برنامجها الخاص بطائرات الدرونز لا يسير وحيدا، فالبلاد تؤسس وعلى مدار عقود لصناعة دفاعات محلية لتحقيق الإكتفاء الذاتي من الأســ.ـلحة.

وتنتج المركبات والمـ.ـدرعـ.ـات البرية والسفن البحرية وطائرات الهلكوبتر والأقمار الصناعية، ولديها طموح لإنتاج أول حاملة طائرات محلية الصنع عبر شركة “Sedef shipbuilding”. 

وتمكنت شركة “أوتوكار” من صناعة دبـ.ـابة “ألتاي” التي اكتسبت سمعة جيدة في الأعوام الأخيرة.

أما شركة “أسلسان” في مجال تصنيع الإلكترونيات الدفاعية فتقوم فعليا بتصدير منتجاتها لأكثر من 60 دولة حول العالم.

نعم .. لتركيا أهداف سياسية و إقتصادية، من وراء صناعة السـ.ـلاح، فهي ستقلل من قيمة فواتير شراء السـ.ـلاح من أميركا والغرب هذا أولاً.

ولن يكون قرارها السياسي مرهونا بصفقة أسـ.ـلحة توقف هنا وتتحرك هناك، كما حدث معها طوال السنوات الماضية مع ألمانيا و أميركا.

وفوق كل هذا، ستتمكن من تصدير سـ.ـلاحها إلى الدول الأخرى، ومن ثم تحقق نموا إقتصاديا من قطاع التسـ.ـليح.

حيث أن صادرات تركيا من الأسـ.ـلحة حاليا لم تتجاوز بعد %3 من حجم الأسـ.ـلحة العالمية، وهذا رقم قليل نظريا.

لكن بمقارنته زمنيا ستجد انه تضاعف مرتين منذ عام 2016.

إذن فتركيا تسير بسرعة نحو القوة، أو بالأحرى تحلق بسرعة فالقوة التركية، أكبر ما تبرز ملامحها في صناعات “الدرونز” السـ.ـلاح الذي يعول عليه الجميع في حـ.ـروب المستقبل.

مقالات ذات صلة